شيخ الأزهر: كلما زاد الإيمان اشتد البلاء وتساقطت الذنوب كأوراق الشجر

قال فضيلة الإمام الأكبر  الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن هناك اقترانا بين صفة الرحمة واسم الله الوهاب لله -عز وجل-، وقد ذكرت الرحمة مع اسم الله الوهاب في آية واحدة في سورة آل عمران: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}، فالخالق سبحانه وتعالى يرحم عباده أو يهب لهم ما هو رحمة لهم، وهنا قد يسأل العبد هل كل ما يهبه الله الوهاب رحمة لنا؟ وكيف يكون الألم والمعاناة رحمة؟

وأجاب شيخ الأزهر اليوم الثلاثاء خلال الحلقة الثامنة عشر من برنامجه الرمضاني «حديث الإمام الطيب» خلال شرح صفة «الوهاب» بأن كل أفعال الله تجاه العبد رحمة وكل ما يهبه لهم رحمة، فحتى التي يظن العبد أنها ليست رحمة مثل الآلام والمعاناة والفقد والمرض؛ وقد قال العلماء إن هذه الأفعال تظل تحت عباءة ومظلة اسم الوهاب ولن تخرج منها، فإن لها معنى أشد وأبعد مما يتصوره العبد، فالذي يتدبر في ذلك سيجدها تدخل في باب النعم باعتبار المآل وليس الحال، ولو كانت نقمًا كما قد يظن البعض لما اختص الله بها أحب العباد إليه وهم الأنبياء.

وأضاف فضيلته أن البلاء هدية من الله للعباد، وكلما قوي الإيمان اشتد البلاء، وعندما سُئل النبي ﷺ: (أيُّ الناسِ أشدُّ بلاءً؟ قال: الأنبياءُ، ثم الصالحون، ثم الأمثلُ فالأمثلُ، يُبتلى الرجلُ على حسبِ دِينِه، فإن كان في دِينِه صلابةٌ، زِيدَ في بلائِه، وإن كان في دِينِه رِقَّةٌ، خُفِّفَ عنه ولا يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ حتى يمشي على الأرضِ وليس عليه خطيئةٌ). كما استشهد فضيلته بحديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- يقول: (دَخَلْتُ علَى رَسولِ اللَّهِ ﷺ وهو يُوعَكُ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّكَ لَتُوعَكُ وعْكًا شَدِيدًا؟ قَالَ: أجَلْ، إنِّي أُوعَكُ كما يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنكُم قُلتُ: ذلكَ أنَّ لكَ أجْرَيْنِ؟ قَالَ: أجَلْ، ذلكَ كَذلكَ، ما مِن مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أذًى، شَوْكَةٌ فَما فَوْقَهَا، إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا سَيِّئَاتِهِ، كما تَحُطُّ الشَّجَرَةُ ورَقَهَا)، أي كأن الذنوب تتساقط كأوراق الشجرة ورقة تلو الأخرى، فهذا الحديث بشرى لكل مريض بل هو بشرى لكل مؤمن صابر على البلاء.

واختمم فضيلته حلقته الثامنة عشر من برنامج «حديث شيخ الأزهر» أن صفة «الوهاب» مأخوذة من الهبة، والهبة بمعنى العطية بلا مقابل وهي بهذا الوصف لا يتصف بها إلا الله سبحانه وتعالى ولا يتصف بها العبد، وهنا يجب على العبد أن يتشبه بقدر الإمكان البشري بهذه الصفة بحيث يعطي مما وهبه الله ولا ينتظر ولا يتعلق إلا بالثواب من الله، فالطبيب مثلا يتصدق بعلاج الفقراء مجانًا.

Comments (0)
Add Comment