يقول المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي: إن الله -عز وجل- أمر الرسول الكريم خلال تكليفه له بالرسالة أن يكون القرآن الكريم المرجعية الوحيدة للإسلام فقط، واتباع القرآن ينفع الناس في الحياة الدنيا ويجنِّبهم عذاب يوم القيامة، والرسول ليس لديه قول غير القرآن، يبلِّغ به الناس عن ربه، ويبيِّن لهم حكمته ومقاصده، ويوضح شعائر العبادات واتباع شرعة الله ومنهاجه لتحصينهم من ارتكاب المعاصي والآثام والذنوب، ولا يجوز أن يتخذ المسلمون مرجعية الإسلام مما نسب إلى الرسول من تأليف أقوال مزورة ومفتراه على الله ورسوله.. قال تعالى ﴿تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ (الجاثية الآية 6).. إلى التفاصيل.
التفاصيل
أمر الله رسوله عليه السلام في خطاب التكليف قائلا: “قُلْ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٌۭ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰٓ إِلَىَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌۭ وَٰحِدٌۭ فَمَن كَانَ يَرْجُوا۟ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًۭا صَـٰلِحًۭا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدًۢا” (الكهف : 110) .
القرآن المرجعية الوحيدة
فالرسول مرجعيته الدينية القرآن المجيد حين أمره الله سبحانه في خطاب التكليف بحمل رسالة الله للناس في قوله “فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِىٓ أُوحِىَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَٰطٍۢ مُّسْتَقِيمٍۢ”، فالله يأمر رسوله عليه السلام بالتمسك بآيات القرآن الكريم وأنها مرجعيته الدينية ليبلغ الناس بمقاصد الذكر الحكيم لما ينفعهم في الحياة الدنيا ويجنّبهم عذاب يوم القيامة، وذلك يعني أن يبين للناس ألا يتخذوه مرجعية للإسلام بل عليه أن يبلغهم رسالة الله ومقاصدها لعباده حيث يأمر الله رسوله مخاطبًا إياه بقوله “قُلْ أَىُّ شَىْءٍ أَكْبَرُ شَهَـٰدَةًۭ قُلِ ٱللَّهُ شَهِيدٌۢ بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِىَ إِلَىَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْءَانُ لِأُنذِرَكُم بِهِۦ وَمَنۢ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ ٱللَّهِ ءَالِهَةً أُخْرَىٰ قُل لَّآ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌۭ وَٰحِدٌۭ وَإِنَّنِى بَرِىٓءٌۭ مِّمَّا تُشْرِكُونَ” (الأنعام: 190).
التحصين من الذنوب
وهذه الآية تؤكد مرة أخرى أن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس لديه قول غير القرآن يبلغ به الناس عن ربه ويبين لهم حكمته ومقاصده، ويوضح شعائر العبادات واتباع شرعة الله ومنهاجه لتحصينهم من ارتكاب المعاصي والآثام والذنوب، ولا يجوز أن يتخذ المسلمون مرجعية الإسلام مما نسب للرسول صلى الله عليه وسلم من تأليف أقوال مزورة ومفتراة على الله ورسوله، بينما الآيات القرآنية تبين للناس بما نطق به الرسول صلى الله عليه وسلم بلسانه أن يجعلوا القرآن وحده هو المرجعية الوحيدة للدين الإسلامي دون أي اعتبار لأية رواية أو قول منسوب للرسول صلى الله عليه وسلم حفاظا على مرجعية واحدة للإسلام، ذلك بما نصح به الرسول المسلمين حتى لا يضلوا الطريق المستقيم، ثم يبين لنا الرسول عليه السلام في قول الله سبحانه في خطابه لرسوله مؤكداً عليه بطلان كل ما روي عنه من أحاديث ملفقة “تِلْكَ ءَايَـٰتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ فَبِأَىِّ حَدِيثٍۭ بَعْدَ ٱللَّهِ وَءَايَـٰتِهِۦ يُؤْمِنُونَ” (الجاثية: 6).
ويستمر الأمر الإلهي في مخاطبته للرسول صلى الله عليه وسلم محدداً مهمته لتبليغ الناس بآياته.
اطيعوا الله ورسوله
“يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَـٰكَ شَـٰهِدًۭا وَمُبَشِّرًۭا وَنَذِيرًۭا وَدَاعِيًا إِلَى ٱللَّهِ بِإِذْنِهِۦ وَسِرَاجًۭا مُّنِيرًۭا وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَضْلًۭا كَبِيرًۭا” (الأحزاب: 45 – 47).
ويضيف الله إلى مهمة رسوله في مخاطبته له قوله سبحانه “وَأَطِيعُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِيعُوا۟ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَىٰ رَسُولِنَا ٱلْبَلَـٰغُ ٱلْمُبِينُ” (التغابن: 12).
مهام الرسول
إذًا حدد الله سبحانه مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم كما يلي:
١- كلف الله رسوله بأن يحمل رسالة الإسلام للناس ويكون شاهداً عليهم في اتباعهم لآيات الله وتطبيق شرعته ومنهاجه وابتغاء رضا الله والابتعاد عن كل المعاصي والذنوب.
٢- كلف الله رسوله بأن يبشر المؤمنين بالنعيم وجنات عرضها السماوات والأرض أعدّت للمتقين الذين يتبعون ما يبلغهم به الرسول الأمين.
٣- كلف الله رسوله بأن ينذر الذين يعرضون عن آيات الله وما يبلغهم به الرسول من آيات الذكر الحكيم وما سوف يواجهونه يوم الحساب من عذاب عظيم ليحصنوا أنفسهم باتباع آيات القرآن الكريم ويطيعوا الرسول في كل ما كلفه الله به مما يعرضه على الناس لما ينفعهم في حياتهم الدنيا من آيات القرآن الكريم، وفي حدود مهمة الرسول التي عرف الناس بها عليه السلام التزاماً بالأمانة في إبلاغ الناس رسالة ربه لم يمنحه حق التشريع ولا ولم يكلفه بأن يكون مرجعية للإسلام، فهل من المنطق أن يلتزم الرسول بالتكليف الإلهي الذي يوحى إليه بالتمسك بالذكر الحكيم وأن يؤمن بأن القرآن هو رسالة الله للناس والمرجعية الوحيدة لدين الإسلام ثم يخالف الرسول ربه ويؤلف أقوالًا متجاوزًا المهمة التي كلفه الله إياها ليتقوَّل من عنده أقوالًا لا تمت بصلة لمهمته المحددة في خطاب التكليف، إضافةً إلى أن الله سبحانه يبلغ الناس جميعاً نافيًا عن رسوله أن يؤلف أقوالاً ليضلَّ بها الناس حين حذر الله رسوله بقوله:
“وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَـٰجِزِينَ وَإِنَّهُۥ لَتَذْكِرَةٌۭ لِّلْمُتَّقِينَ وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ وَإِنَّهُۥ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ وَإِنَّهُۥ لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ” (الحاقة 44 – 52).
فالله سبحانه يبين للناس أنه من المستحيل أن يخالف الرسول أمر الله في حمله للأمانة، وإن حدث أن تقوَّل على الله فذلك هو الحساب تأكيدًا للناس بأن الرسول الأمين عليه السلام سيؤدي الأمانة على أكمل وجه بكل المصداقية والإخلاص والتفاني في إيصال رسالة الله للناس أجمعين، وليس لدى الرسول ما يبلغه للناس إلا آيات القرآن وتبيان مقاصدها لمنفعة الإنسان، فكما اتخذ الرسول عليه السلام القرآن المرجعية الوحيدة للدين الإسلامي فيجب على المسلمين جميعاً اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغهم عن ربه قائلا للناس: “إِنَّ وَلِـِّۧىَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى نَزَّلَ ٱلْكِتَـٰبَ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّـٰلِحِينَ وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَآ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ” (الأعراف 196، 197).
اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون