دار الإفتاء يبحثون عن مبرر وجودهم كمؤسسة دينية، والفرائض العبادية لا تحتاج كل هذه الممنوعات ، فالصيام أولا ليس معناه الامتناع عن الأكل مدة زمنية معينة من السحور إلى أذان المغرب، بل هو جهاد للنفس عن كل الموبقات، والابتعاد عن كل المحرمات والنواهي، واتباع المنهاج الإلهي في السلوكيات الإنسانية، والتعامل بالأخلاق الفاضلة التي وصفتها آيات الذكر الحكيم، في الامتناع عن الغيبة والتكبر على الناس، وتحريم الاعتداء عليهم، واستخدام الكلمة الطيبة في التعامل بينهم ، والتعاون بين أفراد المجتمع لكل ما يحقق الأمن والسلام في المجتمعات الإسلامية، واحترام حقوق الإنسان وعدم الاعتداء على ممتلكاته، وتطبيق شرعة الله ومنهاجه في حياة الإنسان اليومية، في تلبية المحتاج ومساعدة المظلوم، وأن يكظم الإنسان غيظه، ويدفع بالتي أحسن، ويصحح سلوكه ليصبح متطابقا مع صفات المؤمنين التي ذكرها القرآن، يتعامل بها مع كل الناس في مجتمعه بالرحمة والعدل والإحسان ونشر السلام.
إضافةً على ما ذكر أعلاه يعلم الصيام الإنسان الصبر، والتحكم في الشهوة والغريزة، ويحكم تصرفات النفس الأمارة بالسوء، طاعة لأوامر الله سبحانه، ليتشكل المجتمع الصالح، ينتشر فيه الأمن والسلام والتعاون، ويعيش الناس جميعاً حياة طيبة وما فائدة الامتناع عن الأكل إذا كان المسلم هجر كتاب الله، ولم يتبع رسوله فيما بلغه من مقاصد العبادات، وحكمة الآيات، ليعيد الإنسان تشكيل سلوكه وطباعه ليتفق مع ما أمر الله به من خارطة طريق رسمها للإنسان ليحيا حياة طيبة فكل فرائض العبادات لها مقاصد سامية، وقيما فاضلة، تحصن الإنسان من ارتكاب المعاصي والذنوب في حق نفسه وحق غيره، ولذلك أمر الله رسوله عليه السلام عندما خاطبه بشأن كتاب التكليف لحمل الرسالة فقال لرسوله :(فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (الزخرف:43)
فمن تمسك بكتاب الله اختار الصراط المستقيم، ووفقه الله سبحانه للحياة الطيبة، وينتظره وعد عظيم من الله يوم الحساب جزاء بجنات النعيم.
لذلك كل تشريع لم ينص عليه القرآن المجيد لا قيمة له على الإطلاق، والله سبحانه هو المشرع الأوحد لدين الإسلام، وحكم الله فوق كل حكم بشري، بغض النظر عن المسميات عالماً أو شيخ دين أو مفسراً ، فلا وجود لمشرعين خارج التشريع الإلهي، وهو وحده المتصرف في شؤون خلقه، فلا وصاية من خلقه على الناس، ولا رقابة من شيوخ الدين على ممارسة الشعائر، فالله هو الرقيب والحسيب ، فارفعوا أياديكم عن الإسلام وبلغكم الله بما نطق به رسوله عليه السلام في حجة الوداع قول الله سبحانه ):الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة:3)
نعم الله وحده المشرع الأوحد لدين الإسلام، وليس كل من هب ودب يؤلف تشريعا للمسلمين ، وما ترتب على التشريع البشري من كوارث و مآس و شقاء للمسلمين ، من خلال إنشاء الطوائف والفرق والمذاهب، كلها ابتدعها الإنسان مع الشيطان، فلا وجود لها في تشريع العبادات في القرآن، فكم تسببوا في دماء سفكت إلى اليوم، بين الفرق المختلفة داعش ، والإخوان ، والسلفيين، والشيعة، والقاعدة، وغيرهم كثير من الذين هجروا القرآن ، واتبعوا أعوان الشيطان!
الله يدعوهم للحياة الطيبة في أمن وسلام وتعاون ووئام، بينما المذاهب البشرية تدعو للكراهية والعدوان والقتل وسفك دماء الأبرياء.!
الله يدعو الناس للتراحم والتسامح ،والفرق المشؤومة تدعو الناس للقتال والتدمير وتشريد المواطنين !
فهل من المنطق أن يفضل الإنسان الشر على الخير ؟!
نعم حدث هذا إلى اليوم منذ اربعة عشرة قرنا من الزمن, قلوب مريضة وقاسية ومتوحشة، و متعطشة للدماء بينما الله يدعو الناس للرحمة والعدل والإحسان ونشر السلام.. الفرق كبير والحساب عظيم يوم الحساب.