لقد وضحت الحكمة الإلهية من الصيام في شهر رمضان، لتدريب النفس على طاعة الله والتمسك بشرعته ومنهاجه، وما يدعو إليه من الرحمة والعدل والتعاون والسلام والإحسان، والتعامل بين الناس بالكلمة الطيبة ، والمعاملة الحسنة ، ونشر المحبة والوئام، والامتناع عن التحريض على الكراهية والعدوان.
هو شهر امتحان لقدرة الإنسان على التحكم في شهوات النفس وغرائزها المنفلتة، بالتمسك بأوامر الله وطاعتها، وقدرة الإنسان السيطرة الكاملة على النفس الأمارة بالسوء، حتى يستطيع ترويضها ولجمها عن ارتكاب المعاصي والذنوب.
لذلك كتب الله سبحانه على الناس الصيام، لكي يتدرب الإنسان على كيفية كبح جماح النفس ، وتقييدها من الانطلاق دون قيود في اتباع الشيطان، الذي يسوقها بعيدا عن شريعة الله ومنهاجه، وتجعل الإنسان يعيش حياته في ضنك وشقاء، بينما الله سبحانه رسم للإنسان خارطة طريق إذا اتبعها وطبق شرعته ومنهاجه، سيحيا حياة طيبة في سكينة وطمأنينة ، يستمد عناصرها من نور كتابه المبين، الذي يضيء له دروب الحياة، ويخرجه من الظلمات إلى النور والهدى والرشاد، ويوم الحساب يجزيه أحسن ما كان يعمل من الصالحات في الدنيا، ويسكنه جنات النعيم خالداً فيها في الآخرة، فليستمسك المسلم بشرعة الله ومنهاجه حتى يتجاوز أسئلة الامتحان يوم القيامة ويفوز بالدرجات العلى بما قدمه من عمل الصالحات في حياته.
فسارعوا أيها الناس إلى باب الرحمة والمغفرة عند الل،ه وتمسكوا بما يحقق لكم الخيرات والبركات إذا اتبعتم ما بلغكم به الرسول عليه السلام ناطقاً عن ربه بقوله ؛
(قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (31)) ال عمران (٣١) .
اللهم اهد قومي إلى الصراط المستقيم، واجعلهم من عبادك المتقين.