يتوه المسلمون ( أهل السنة والجماعة) في أكثر من 41 تصنيفاً للأحاديثُ ، يستندون إلى مرجعيات شابها الهوى والافتقار لإدراك مقاصد رسالة الإسلام وحكمة آيات القرآن لمصلحة الإنسان في الدنيا والآخرة ، أصبحت ( كتب البخاري ، والترمذي ، ومسلم ، وأبي داود ، والنسائي وابن ماجه) ، يضاف إليها كتب الفقهاء أئمة المذاهب وهم (المالكي ، والشافعي ، والحنبلي ، والحنفي) مرجعيات معتمدة لرسالة الإسلام ، حيث خلقت تلك الكتب والمفاهيم التي يتناقض أكثرها مع مقاصد الرحمة والعدل والسلام والإحسان ، وتحريم الاعتداء على الإنسان والحرية المطلقة للناس باختيار عقائدهم دون إكراه وتقديساً لحق الحياة للإنسان.
تفرق المسلمين بعد اتباعهم للروايات المكذوبة والمذاهب الملفقة وأصبح كل مسلم يفتخر بانتمائه لمذهبه الذي يؤمن به ، ويأخذ منه دينه فهو الأفضل عن المذاهب الأخرى، فتعددت المناهج الدينية ، وتصادمت المرجعيات الإسلامية بتناقضاتها، وكل منهم يعتقد بالأفضلية بالرغم من أن رسالة الإسلام التي أنزلها الله على رسوله عليه السلام في القرآن لم يكلف الله أحداً من البشر ليكونوا أوصياء على الناس في إقامة شعائر العبادات ، ومحاسبتهم على التقصير أو التخلف عن أدائها ومحاسبة المسلمين على ذلك، وتسببت مرجعية الروايات في خلق حالة صراع جدلي وأناني عصف بوحدة المسلمين ، فاستمرأوا الخلاف ونشأ الصراع بينهم اقتتالاً وسفكاً للدماء، وتباعدت النفوس وخلقت الحواجز النفسية بين الطوائف المختلفة والفرق المتنافرة، وحل الخوف والفزع محل الأمان، وحلت الحروب بدلاً من السلام في المجتمعات الإسلامية ، وحل العدوان بدلاً من التعاون لتحقيق الاستقرار، وضاعت فرص البناء والتعمير والتقدم لانشغال المسلمين فيما بينهم من خلاف وصراع ، فأحكم الطامعون قبضتهم على ثروات العرب والمسلمين ، واستعمروهم سنين طويلة واستحلوا ديارهم واستباحوا حقوقهم وحرماتهم ، لأنهم خالفوا أمر الله لهم في قوله سبحانه وما بلغهم به الرسول الأمين: ﴿وَأَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ (آل عمران: 3) ، بماذا سيتحقق للمسلمين الاعتصام، بحبل الله حينما يطبقون أمر الله بطاعته في قوله سبحانه: ﴿ أَتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ ( الأعراف: 3) ، ويأخذوا تحذيره بالطاعة والجدية لأن الله سبحانه أعلم بما تخفيه الأقدار حين خاطب الله سبحانه المسلمين بقوله: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ ( الأنفال: 46).
كذلك يتوه الشيعة في مذاهب شتى بفعل روايات مختلقة وأساطير مصطنعة ومرجعيات متعددة يشغلون جل أوقاتهم في روايات أضرت أكثر مما نفعت ، وفرقت أكثر مما وحدت ، وشجعت على الظلم أكثر مما دعت إلى العدل ، وزرعت في النفوس الكراهية والقسوة أكثر مما دعت إلى الرحمة ، وابتعدت عدة فرق منهم عن التوحيد وأشركوا بالله في كثير من الطقوس الدينية ، واعتقدوا في أقرباء الرسول عليه السلام بأنهم شفعاءهم عند الله يدخلونهم الجنة ، ويغفر الله لهم بوسيلة توسطهم عند الله سبحانه فذهبوا بعيدا عن رسالة الإسلام وأصبح أهل السنة والجماعة وفرق الشيعة المتعددة أحزاباً متناحرة متصارعة ، حينما انصرفوا عن القرآن الكريم ، واتبعوا علماءهم وشيوخ الدين الذين تم تقديسهم ورفعوهم إلى درجة النبوة والتبجيل.
هذا وقد اعتبر القرآن كل الروايات المصنفة بالأحاديث أقوالاً مفتراه على الله ورسوله ، كما جاء في قوله سبحانه: ﴿قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾ ( يونس: 69). وأبطلها القرآن بكل مسمياتها وتصنيفاتها كلية كما جاء في قول الله سبحانه مخاطباً رسوله عليه السلام بصيغة استنكارية ﴿تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ (الجاثية:6). كما أن السنة والجماعة بدلاً من اعتمادهم على مرجعية القرآن ، وشرعة الله ومنهاجه اعتمدوا المذاهب المختلفة على مصادر الروايات المتعددة والمتناقضة مع آيات القرآن الكريم، إضافة الى الشيعة وتعدد مذاهبهم المختلفة واعتمادهم روايات خاصة لكل مذهب فأنشأوا مرجعيات خاصة بهم كمصادر أيضاً للروايات والأحاديث الملفقة لا تتفق مع مصادر السنة والجماعة ، ومنها مايلي:
( كتاب الكافى) للشيخ أبي جعفر الكليني وفيه أكثر من ( 16199) حديثاً.
كتاب ( من يحضره الفقيه) لأبي جعفر بن محمد القُمّي) وتضمن كتابه ( 5998) حديثاً.
كتاب (تهذيب الأحكام) لأبي جعفر محمد الطوسي وتضمن (13590) حديثا.
كتاب ( الاستبصار فيما اختلف فيه من الأخبار) لأبي جعفر محمد الطوسي.
كتاب ( الوافي) للشيخ محمد مرتضى الكاشاني والذى يضم (50000) حديثاً.
كتاب تفصيل وسائل الشيعة) للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي ويضم ( 35850) حديثاً.
كتاب ( مستدرك الوسائل) للشيخ ميرزا حسين الطبرسي النوري ويضم ( 23000) حديثاً.
تحليل الروايات والأحاديث في الإسلام..بين مرجعية القرآن وتحدي السند البشري
وعلى ما يبدو أن كلا الفريقين- السنة والشيعة يعتمدون على الأحاديث من حيث السند البشري الذي لا يستند الى الذكر الحكيم من حيث المصدر والتسمية كمرجعيات أساسية لرسالة الإسلام ، كما يلاحظه القارئ في تقسيم الأحاديث عند السنة والجماعة ما سبق ذكره سابقاً. وعندما توضع كل تلك الروايات والأحاديث والأقاويل لكلا الفريقين أمام حكم القرآن عليها يعتبر حكمها مقارنة بالآيات هي والعدم والبطلان سواء. كيف تجرأ الناس على اتباع روايات ســــمـيـت بـ (الأحاديث) تم تأليفها بأكثر من قرنين من قبل أناس مجهولي الانتماء والهوية والأهداف منسوبة بواسطة الصحابة للرسول الكريم ؛ يؤمنون بها ويصدقونها ويقدسونها ، ويتركون آيات الله التي أنزلها سبحانه على رسوله الأمين بالحق ويهجرون تشريعاته وعظاته ، وهو يدعوهم إلى سبل الخير والسلام ليخرجهم من الظلمات إلى النور ، يحقق لهم الأمن والاستقرار ويبين لهم ما ينفعهم ، ويضئ لهم الطريق المستقيم كما ورد في قول الله سبحانه: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَبًا مُّتَشَبِها مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِى بِهِ مَن يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ (الزمر: 23) ، ثم يقول عزّ وجلّ: ﴿وَيْلٌ يَوْمَيذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ المرسلات: 49-50). ويقول سبحانه مؤكدًا أن كلام الله هو الحديث ولا حديث غيره: ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا﴾ ( النساء: 87). كما قال سبحانه: ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾ ( الكهف: 6).
وقول الله سبحانه أيضًا: ﴿فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثِ مِثْلِهِ إِن كَانُوا صَدِقِينَ ﴾ (الطور: 34). يتحدى الله سبحانه بآياته في القرآن العظيم كل الذين اختلقوا الروايات ، وبشروا بها الناس ، أنها طريق الخلاص وجزاء التابعين لها والمؤمنين بها جنات النعيم ، كما جاءت في الآيات المذكورة أعلاه. فالله سبحانه يتحدّى أصحاب الروايات ومبتدعي الإسرائيليات والأساطير وروايات التزوير بأن يأتوا بحديث مثل آيات الله وكلماته في قرآنه المبين ، وعندما شلت أفكارهم وتعطلت عقولهم وعجزوا عن أن يأتوا بما تحداهم به خالقهم ؛ توجهوا بما سولت لهم أنفسهم بتأليف روايات مزوّرة على الرسول وأساطير مُحرَّفة لرسالة الإسلام ، قاصدين تلفيق الأكاذيب على دعوة الرسول عليه السلام الناس إلى طريق الخير والأمن والسلام والحياة الطيبة في الدنيا ، حتى يقل أتباع الإسلام ويتراجع الذين دخلوا في الإسلام عن عهدهم مع الله ورسوله ويهجروا القرآن حتى تتحكم في عقولهم الروايات وأكاذيب البهتان. ثم يحذر الله سبحانه الذين يفترون على الله ورسوله بقوله ﴿أَفَبهَذَا الْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ ﴾ ( الواقعة: 81) ، ويتكرّر الموقف الاستنكاري في قوله سبحانه ، ﴿أَفَمَنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ﴾ ( النجم: 59) ثم يحذرهم سبحانه: ﴿فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ* وَأُمَلِي لَهُمَّ إِنَّ كَيْدِى متين﴾ ( القلم: 44-45).
وتعني تلك الآيات المذكورة أعلاه تأكيداً لما سبق التشديد عليه بالأمر الإلهي القاطع بعدم اتباع كل ما سمي أحاديث جاءت بها روايات كاذبة مفتراة على الرسول الكريم ، لأن الله سبحانه لم يكلف الرسول عليه الصلاة والسلام بغير ما أنزله الله عليه في قرآن مبين ليبلغ آياته للناس جميعا ، ولم يكلفه سبحانه بأمر آخر غير تلاوة آياته على الناس ، وتبيان الحكمة من تشريعاته وتعريف الناس بمقاصد الخير وما ينفعهم في الحياة الدنيا والآخرة من آياته ، وتعليمهم شعائر العبادات من صلاة وصيام وزكاة وحج بيت الله والالتزام بآداب القرآن وأخلاقياته ، التي كونت شخصية الرسول عليه الصلاة والسلام وطبقها في سلوكياته مع أهله وقومه ومجتمعه في مخاطبة الله لرسوله عليه السلام بقوله: ﴿ فَاسْتَمسك بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ* وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُلُونَ ﴾ ( الزخرف: 43-44). يحدد الله للرسول مهمته في التمسك بكتابه في تذكير الناس بالقرآن وتبليغهم آياته ويبين لهم شرعته ومنهاجه ليعيشوا في الحياة الدنيا حياة طيبة في أمن وسلام مؤكداً سبحانه مرجعية القرآن لرسالة الإسلام في أمره لرسوله الأمين: ﴿فَذَكَرْ بِالْقُرْءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ﴾ ( ق: 45). كما يذكر الله رسوله بالتكليف الإلهي في قوله سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ ( المائدة: 67) ، رسالة الله التي تضمنتها آيات القرآن الحكيم يبلغها للناس ومهمة مقدسة يقوم بأدائها محمد عليه السلام ، بشرح أهداف الآيات وتوضيح مقاصدها لخير الإنسان في الدنيا والآخرة.