قال الله سبحانه مخاطبا الناس جميعاً (إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد – ٧)
الله لا يحتاج الإنسان لينصر دينه، وهو غني سبحانه عن العالمين، أما مقاصد تلك الآية، فهو أن تنصر الله في نفسك ، وتطبق شرعة الله ومنهاجه في كل لحظة من حياة الإنسان، ليهديه الله الطريق المستقيم، ويجعله من عباده الصالحين، إذا اتبع تشريعات القرآن وأحكامه، والإسلام لا يحتاج من ينصره، لأن الله غني عن البشر، ولأن نصر الله هو بالمختصر المفيد أن ينصر الإنسان نفسه ضد الشيطان، الذي يحرض على الفحشاء والمنكر، ويشجع الناس على ارتكاب المعاصي والآثام!
والله حينما كلف رسوله عليه السلام بحمل رايته، إنما هي رحمة منه لعباده، لكي يحقق للإنسان في حياته عيشا كريما آمنا مستقراً، ولا يسفك الدماء وحتى لا يضيع العدل، ويقتل الأطفال والنساء كما يحدث بين العرب أنفسهم، وقد حدث بعد وفاة الرسول فساقهم الشيطان نحو الأنانية والمصالح الشخصية، وأصبح الطمع في الدنيا يهون فيه قتل الأبرياء، كما أن أكذوبة الفتوحات الإسلامية إنما هي جريمة كاملة الأركان، لأن الله لم يأمر رسوله بأن يقاتل الناس حتى يكونوا مؤمنين، تنفيذا للتشريع الإلهي في قول الله مخاطباً رسوله عليه السلام : (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ( (99: يونس)
إضافة إلى أن الله سبحانه شرع الحرية المطلقة للإنسان في اختيار دينه في قوله سبحانه : (وَقُلِ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكُمۡۖ فَمَن شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَ فَلۡيَكۡفُرۡۚ) (الكهف -٢٩)
كل ما حدث بعد وفاة الرسول جريمة لا تغتفر ضد الإسلام، الذي يدعو للرحمة والعدل والمساواة والإحسان، ونشر السلام وتحريم قتل الإنسان والله أمر المسلمين بقوله: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ) (آل عمران-103)
ثم أمرهم بقوله: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (2) (المائدة)
وقد حذر الله المسلمين بقوله: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ ( الأنفال: 46)
ثلاث آيات فقط أمر الله المسلمين بتطبيقها في حياتهم، فاذكر لي على مر التاريخ منذ وفاة الرسول هل أطاعوا الله فيما أمر؟ وهل اتبعوا كتابه ليرزقهم النصر وينشئوا الدولة الفاضلة التي يعمها السلام والرأفة والمودة، ومساعدة الفقراء والمساكين دون تكبر أو عدوان.
لقد بقي الإسلام محفوظا في آيات القرآن الكريم، أما على الأرض فلم تطبق أحكامه وتشريعاته بل ظل القرآن الكريم تتم قراءته عند دفن الأموات أو في الاحتفالات، ثم بعد ذلك يوضع في الأدراج، وقد وصف الله مهمة القر آن في قوله سبحانه ؛ (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ (69) لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ) (70:يس)
إن القرآن وآياته خارطة طريق لحياة الإنسان، فمن تمسك بها بإيمان صادق وباليقين عاش حياته سعيدا، وأصبح من الصالحين سيجزيه الله يوم القيامة جنات النعيم، ومن أعرض عن الذكر الحكيم، واختار أن ينقض بيعته مع الله على السمع والطاعة فسيكون مكانه نار الجحيم.