الشريعة الإسلامية مصطلح تعارف عليه الناس دون تحديد لمضمونه ومعرفة عناصره وبنوده ومصادره، وحين ننظر إلى واقع المسلمين اليوم، بشأن التشريع الإلهي الذي ينظم علاقات الناس، والقواعد التي أمر الله الناس بها من رحمة وعدل وحرية وسلام ويضع ضوابط لاستقرار المجتمعات وتعاونها، وتحقيق التكافل بين أبنائها، وتنمية المصالح حرية العقيدة وحرية العمل والسير في الأرض بحثًا عن الرزق الحلال، ليتحقق التكامل في المصالح الإنسانية بين أفراد المجتمع المشتركة عندهم، لما يحقق تطور المجتمعات نحو التقدم والرقي على أسس مِن العِلم والأخلاق الفاضلة، والمحافظة على حقوق الإنسان في لا نجده مطبقًا كما اراد الله للناس لكي يحقق لهم الأمن والاستقرار.
ذلك ما شرعه الله لعباده لأجل عيش كريم يحيطه الأمن والسلام في كل المجتمعات الإنسانية دون تمييز بين خلق الله في النسب أو الدين أو المذهب أو الموطن.
وما وجدناه في الماضي يتكرر لنا اليوم في مظاهر التطرف والإرهاب وخطاب الكراهية الذي استقى عقيدته مِن مرجعيات متعددة لا علاقة لها بشريعة الله، وأطلقوا عليها «الشريعة الإسلامية».
وهي مجموعة اجتهادات بشرية صاحبها الهوى والمصالح الدنيوية وعوامل ظرفية عاشها المسلمون في حالة من الصراع والاقتتال وسفك الدماء، وأفتى كل طرف بتكفير الآخر وضرورة قتاله فسقط آلاف المسلمين، في موقف يتناقض مع التشريع الإلهي ويصطدم مع ما سمي بالشريعة الإسلامية التي تجافي التشريع الإلهي وتضيق على الناس أحوالهم وتستبيح حقوقهم، وقد حرَّفوا مقاصد آيات الله لما يخدم أهواءهم وأمراضهم النفسية، فلا يطيقون أن يستمعوا لرأي مغاير، فهم الوحيدون أصحاب الحقيقة المطلقة وهم الوحيدون عباد الله الصالحين، وكل ما يفتون به هو الحق، ومن يخالفهم في الرأي فهو باطل، ويجب محاربته ومنعه من إبداء فكر يتعارض مع أفكارهم، منتهى الاستبداد والتشدد في تعنتهم فيما يعتقدون!
نرجع لمصطلح «الشريعة الإسلامية»… إن كل مَن يستخدم هذا المصطلح لا بد أن يكون في قناعته أنه يتحدث عن التشريع الإلهي فقط الذي جاءت به آيات القرآن الكريم، لأن الإسلام هو رسالة خالدة أنزلها الله على رسوله في كتاب مبين، ليبلِّغ الناس به وينذرهم من يوم عظيم، كما قال سبحانه: (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا) (المزمل:17).
وكل مَن يحاول أن ينسب الاجتهادات الفقهية البشرية للإسلام، فهو تدليس على الناس، معتمدا على الروايات والإسرائيليات المفتراة على الرسول، علمًا بان الله سبحانه حذر مِن الاعتماد على الروايات المزورة على رسالة الإسلام ابتدعها أعداء الإسلام، وما في تلك الروايات من تناقض مع آيات القرآن الكريم التي تدعو للرحمة والعدل والسلام والإحسان، وحرية الاعتقاد وتحريم الاعتداء على الناس بكل الوسائل، وتحريم قتل النفس، بينما تلك الروايات ابتدعت أحكامًا وقواعد ضد الإسلام وضد الإنسانية، وأصبحت المرجع الأساسي لرسالة الإسلام بعد أن تم تقديس أصحاب الروايات، حيث مكَّنوا الروايات من الطغيان على الآيات، ونشروا الخوف مِن الإسلام، وحرضوا على الفاحشة والصراع والفتنة في مجتمعات الإسلام، وشغلوا المسلمين بمعارك ضارية فكرية، فرقتهم إلى طوائف متقاتلة مستمرة منذ أربعة عشر قرنًا حتى اليوم.
علمًا بأن الله سبحانه حذَّر المسلمين من اتباع الروايات التي أطلقوا عليها مصطلح (الحديث)، زاعمين أنها أقوال رسول الله، مع أن عناصر التكليف الإلهي للرسول تبليغ الناس خطاب الله لخلقه، وأن يتلو عليهم كتابه ويعلمهم الحكمة ويزكيهم ويعرفهم مقاصد آياته، وتحذير الله للناس في قوله سبحانه: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) (الجاثية: 6).
فالله سبحانه يستنكر في هذه الآية كيف تؤمنون بأحاديث مكذوبة ومصنوعة وتتركون كلام الله الواحد الأحد، الذي منح حرية الاعتقاد للناس جميعًا ودعاهم إلى التفكر في آياته والتدبر في قرآنه حتى لا يتم استغفالهم واستغلالهم في إبعادهم عن الطريق المستقيم الذي رسمه الله لهم رحمة بالناس، حتى لا يضلوا وقد خسروا الدنيا والآخرة.
إن المجرمين في حق الاسلام وما أكثرهم من الذين سلكوا هذا الطريق لتغييب عقول المسلمين وليجعلوهم متخلفين عن ركب الحضارة والتقدم العلمي.
لقد تم استخدامهم من قبل أعداء الإسلام لتفريق المسلمين وتشتتيتهم ليضل الصراع محتدما بينهم ليسهل على اعداء الحرية والسلام أن يتيدوهم ويتسلطوا على أوطانهم أما رسالة الاسلام التى انزلها الله سبحانه في قرآن على رسوله عليه السلام، والذي يدعو للعمل والعلم والاكتشافات التي كان يمكن أن يقود بها المسلمون العالم إلى عالم أرحب تشرق فيه قيم القرآن من عدل ورحمة وتسامح وحرية وحماية لكل حقوق الانسان فى الحياة مما يجعلهم سادة العالم.
ولكن المؤامرة كبيرة، حينما وظف اليهود الإسرائيلين الروايات المحدثة وجعلوا المسلمين يبتعدون عن آيات الله المنزلة ليسهل استعبادهم ونهب ثرواتهم، وخلق حالة من الانفصام بينهم وبين رسالة الإسلام، التي تقودهم نحو المجد والقوة، وفرض التعلم والعلم أحد عناصر رسالة الإسلام الذي احترم الفكر، وبه كرَّم اللهُ سبحانه بني آدم وجعله خليفة في الأرض ليحكمها بالعدل، ويبني علاقات المجتمعات بالتعاون، ويدعوهم للبحث العلمي للارتقاء بمستوى حياة الإنسان في عيش كريم، قاعدته الأمن والتكافل والسلام والتعاون بين كل البشر لتعظيم المشترك في القيم والمصالح والتعاون.
حيث يأمر الله الناس بقوله سبحانه: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (المائدة: 2).
لقد آن الأوان لوضع سدٍ منيعٍ لما يسمى بالتراث، وهو مجموعة السموم التي نشرها أعداء الإسلام ليستمر التخلف لدى المسلمين والصراع والفتنة ليسهل السيطرة عليهم واحتلالهم ونرجع لكتاب الله المبين الذي سيخرج الناس من الظلمات إلى النور يتم استنباط قواعد التشريع والقيم الأخلاقية لبناء مجتمع المدينة الفاضلة.
ومن الغريب أن تتحول المؤسسات الدينية في العالم العربي والإسلامي لتحافظ على كتب التراث المسمومة التي فرقتهم ونشرت بينهم الفتن والتقاتل، وشوَّهت صورة الإسلام البراقة التي تشِّع نورًا وسلامًا حتى قيام الساعة من خلال كتاب الله وقرآنه الكريم.