إشراق
بانر جديد
بانر جديد

ألا بذكر الله تطمئن القلوب.. بقلم المفكر العربي علي محمد الشرفاء

بانر اساسي داخلي

إن ذكر الله سبحانه وتعالى في كل الأوقات تحصين للإنسان من الوقوع في براثن الشيطان وتحريضه للناس لارتكاب المعاصي والآثام والجرائم العظام.

وذكر الله هو جرس الإنذار للإنسان يحذّره من الوقوع في المعصية وما يترتب عليها من حساب في الدنيا وِفق القوانين المتبعة في المجتمعات التي يعيش فيها الإنسان وما تسبب له من عقوبات؛ تتضاعف حسب المعصية والجريمة المخالفة للقانون من غرامات مالية وسجن وتقييد للحرية تتراوح من شهر إلى عدد من السنوات، إلى أن يصل حتى للإعدام إذا ارتكب جريمة قتل للإنسان إضافة إلى ما ينتظره من حساب وعقاب يوم القيامة.

فالله يريد للإنسان إذا راودته النفس الأمّارة بالسوء  في حالة الشِجار مع غيره من الناس، تذكر قول الله سبحانه: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران: 134)

ثم تليها الآية التي تحث الإنسان على السيطرة على رد الفعل في موقف الشجار والمجادلة بقول الله سبحانه: (وَعِبَادُ الرَّحْمَـنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ) (الفرقان: 63)

فإذا ذكر الإنسان الله وتذكَّر الآيات التي تحميه من التصادم ليستبق بها الأحداث السلبية قبل وقوعها، جنَّبه الله آثار رد الفعل النفسي وما سيترتب عليه من الوقوع في المعصية وارتكاب الجريمة، وأنزل الله سكينته على قلبه واطمأنت بذكر الله نفسه وحرم الشيطان من تحقيق نصره.

وتتوالى آيات القرآن الكريم بتذكير الإنسان بالوعظ والنصيحة من السير في ركاب الشيطان وما قد يستدرجه ويحرِّض النفس المريضة ويغويها لارتكاب المعاصي والذنوب وما يترتب على أفعال الإنسان من المخالفة القانونية التي سيحاسب على أفعاله، والله سبحانه رحيم بعباده يبين لهم طريق الحق الذي يحقق لهم الأمن والعيش الكريم ويحذرهم من السير خلف الشياطين في طريق الضلال وما سيلاقيه الإنسان من نَّصب وبؤس وشقاء .

فإذا دعت الإنسان نفسه اعتداء على الناس تذكَّر قول الله سبحانه: (وَلا تَحسَبَنَّ اللَّـهَ غافِلًا عَمّا يَعمَلُ الظّالِمونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُم لِيَومٍ تَشخَصُ فيهِ الأَبصارُ)  (إبراهيم: 42)، عندها يتراجع الإنسان عن ظلمه وعن الاعتداء على غيره وقد حماه الله من ارتكاب الظلم والعدوان لأي إنسان وأنقذ نفسه من مصير مُظلم، فيما سيترتب على عدوانه من عقوبات قانونية وعقاب الله يوم الحساب.

كما أن المال السائب يغري النفس الأمّارة بالسوء لارتكاب جريمة السرقة، وإذا راودته النفس أن يسرق من مال الناس تذكَّر قول الله سبحانه في عقوبة السرقة: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (المائدة: 38)

إن الآيات القرآنية تستهدف منفعة الإنسان وسلامته وأمنه في الحياة الدنيا وتحذّره من الانصراف عن ذكر الله والاسترشاد بآيات القرآن في كل لحظة من حياته لمواجهة كل موقف يقابله الإنسان، قد يستدرجه الشيطان لكي يغويه في الوقوع في المعصيبة وما يترتب عليها من حساب مخالفة القوانين وحساب الله يوم القيامة ليجنّبه ذكر الله والخسران في الدنيا والآخرة.

ومن تلك التوصيات الإلهية للإنسان بالتمسك بالأمانة في التعامل مع الناس، وأن يعدل في بيعه ولا يبخس المشتري حقه بالعدل في قول الله سبحانه: (وَأَوفُوا الكَيلَ إِذا كِلتُم وَزِنوا بِالقِسطاسِ المُستَقيمِ ذلِكَ خَيرٌ وَأَحسَنُ تَأويلًا) (الإسراء: 35)

كما أن الله سبحانه يعظ الإنسان بأن يتثبَّت من كل خبر أو معلومة، ولا يقول الإنسان بأنه سمع قولًا وهو لم يسمع، أو أنه رأى شيئًا أو حادثة وهو لم يرَ. فإن الإنسان مسؤول أمام الله في كل قول يفتريه ويتحمل مسؤوليته وعليه أن يتذكر قول الله سبحانه: (وَلا تَقفُ ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إِنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤادَ كُلُّ أُولـئِكَ كانَ عَنهُ مَسئولًا) (الإسراء: 36)

ولا يقتصر ذكر الله سبحانه في المصائب والشدائد  ليمنح الإنسان الأمل في قدرة الله سبحانه على تجاوزها ويساعد الإنسان على الصبر عليها محتسبا لله الذي وعد الإنسان بقوله سبحانه: ( وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ﴿79﴾ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴿80﴾ (الشعراء: 79-80)،  فيخفف عليه المرض ويشفيه ويزيل عنه الهموم بشرط أن يذكر الله مستيقنًا بقوته وقدرته وواثقًا من عونه برحمته ولطفه، فإذا رزقه الله نعمة وصحة وأبناء صالحين؛ فليذكر الله بالشكر على ما أفاء الله عليه من كرمه وليس الشكر باللسان فقط، بل يذكر الله بالعمل بأن يشارك في رزقه بالإنفاق على أقربائه والأرحام والفقراء والمساكين وابن السبيل والمحتاجين بتأدية الزكاة كما أمر الله سبحانه في قوله: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة :274) حينها يذكر الله حقًا ويشكره بالعمل والصدقات فيزيده الله من نعمه لأنه صدق الله في شكره وذكره مخلصًا في إسلامه وصادقًا في إيمانه.

كما أن ذكر الله في مواقف إغراء الشيطان للإنسان في ارتكاب المعاصي ومراودة الإنسان نفسه بالسعي نحو ارتكاب المعصية، يتذكَّر الله لحظتها فينصرف عنه الشيطان ويتراجع الإنسان عن الوقوع في المعصية، حفظه الله من نتائج ارتكابها وحماه ذكر الله من شرور ما يترتب عليها مثل خيانة الأمانة.

وحين يقع الإنسان في ارتكابها تلقي الشرطة عليه القبض ويُساق للسجن والتحقيق وتشوه صورته في وسائل الإعلام ويكون قضى على مستقبله وفقد أسرته ليعيش في ظلمات السجن والحزن سنينًا طويلة، ونتائج سلبيات الجريمة على أسرته ومستقبل أبنائه، لذلك إذا صادف الإنسان موقفًا مغريًا للخطيئة وراودته نفسه بارتكابها وذكر الله في قوله سبحانه: ( اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّـهِ أَكْبَرُ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ) (العنكبوت: 45)

فالصلوات الخمس التي يؤديها الإنسان في اليوم تذكِّره بعهد الله في الالتزام بطاعته وتطبيق شريعته ومنهاجه في سلوكه، مؤكدًا لله بأنه على العهد خمس مرات في اليوم سيؤدي واجبه بالابتعاد عن المنكر والامتناع عن المعصية، حينها يصرفه الله عن الخطيئة والوقوع في المعصية، فذكر الله يُنجّيه من العقوبة الدنيوية وعقوبة الآخرة.

وإذا أراد أن يذكر غيره من الناس بسوء وينال من سمعة الناس في غيبتهم؛ تذكَّر النميمة والغيبة وكراهيتها عند الله بذكر الإنسان لغيره من الناس  فيما لا يحب كما قال الله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ) (الحجرات :12)

فذكر الله بتلك الآية يجنّبه الوقوع في الذنب والتشهير بسمعة الناس وما يترتب عليه من عقاب عند الله، وإذا الإنسان حدثته نفسه مع صحبه بالسخرية من غيره أو الشماتة في أحد ممن يكرههم، حيث نهى الله سبحانه من تلك الأخلاق الذميمة فاستيقظ ضميره بذكر الله في قوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الحجرات: 11)

وإذا صادف من اعتدى عليه بالسِّباب والشتائم فتذكَّر قول الله سبحانه: (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) (الفرقان: 63)،حرم الشيطان من خلق الفتنة بينهما وحلَّ الوئام بدلًا من الخصام وما قد يترتب عليه من من استفحال الصدام.

وقول الله سبحانه: ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) (فصلت :34) فامتنع عن رد الإساءة بالحُسنى وانطفأت نيران الغضب، فحفظ الله له مكانته وأبعد الشيطان عنه وما توسوس له النفس الأمارة بالسوء، وأطفأ الله النار التي يمكن أن يشعلها الشيطان بينه وبين المعتدي وما سوف ينتج عنها من جريمة يرتكبها المعتدَى عليه نتيجة لرد الفعل أو المعتدي، وقد يتحول الأمر إلى مشاجرة عنيفة تؤدي بالتلاسُن ثم استخدام الأيدي وما يمكن أن تصل الأمور إليه من الضرب المُبرح ومضاعفاته، فيؤدي بكلا الطرفين للسجن أو نقل أحدهما للمستشفى لمعالجة الأضرار الجسمانية والعقوبات التي تنتظر كليهما من سجن وغرامة، وقد يسبب ذلك الموقف وفاة أحدهما وسببها كلمات شيطانيًة من صاحب نفس مريضة خرجت منه لا إرادي ولذلك يقول الله محذرًا الناس بقوله سبحانه: (قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (النمل: 46)، وقوله سبحانه (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران: 134)

فبذكر الله وآياته يحصّن الله عباده باتباع المنهج الإلهي في كتابه المبين من الوقوع في المعصية وما يسوقهم إليه الشيطان تأكيدًا لأمر الله لرسوله عليه السلام ليبلغ الناس بأمر الله لهم: (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا) (الإسراء: 53)

لذلك مطلوب من المسلم أن تكون علاقاته مع الناس بالسلام والكلمة الطيبة والاحترام بالرحمة والعدل والإحسان، يحرم الشيطان من خَلْق الفتن بين الناس، وعلى الإنسان أن يحمد الله دائمًا ويشكره في السرّاء والضرّاء، ليزيل عنه الهم ويخفف عنه الحزن ليشعر المسلم بأن الله معه ذي القوة المتين الجبار، يعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الملك، فلا يخاف من إنسان ولا من فقر ولا من عدوان طالما هو في رعاية الله وحمايته بذكر الله قولًا وعملًا وامتناعًا عن ارتكاب الذنوب والمعاصي.

كما أن الإنسان إذا ظلمه أحد من الناس من أقربائه أو غيرهم؛ فليلجأ إلى الله ويفوّض أمره له ليتحقق لنفسه الاطمئنان بالصبر واليقين بأن الله سينصره كما قال الله سبحانه: (وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (آل عمران: 186)، وقوله سبحانه: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) (الزمر: 10)

ويثق المسلم بأن حقه عند الله لن يضيع، وإذا نوى الإنسان الإقدام على شيء منكر من سرقة أو رشوة أو عدوان أو ظلم؛ فيتذكَّر الله وعقابه للظالمين وعقاب الله له في الحياة الدنيا في قول الله سبحانه: (وَأَخَذَ الَّذينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحوا في دِيارِهِم جاثِمينَ) (هود :67)، فيرجع عما نواه من شر فيكون قد هزم الشيطان وانتصر لشريعة الله ومنهاجه ونجّاه الله من عقاب الدنيا وعذاب الآخرة وطبَّق شريعة الله في قوله سبحانه: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (المائدة: 2)

كما وَعَد الله الناس بقوله: (إِن تَنصُرُوا اللَّـهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد: 7)، نصر الله بإعلاء شريعته ومنهاجه في الأرض سلوكًا ومنهاج حياة؛ ليتبعها الناس رأفة بهم وحماية لهم من الوقوع في المعصية والضلال كما قال الله سبحانه محذرًا الناس في قوله سبحانه: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشقى ﴿123﴾ وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى ﴿124﴾ قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرتَني أَعمى وَقَد كُنتُ بَصيرًا ﴿125﴾ قالَ كَذلِكَ أَتَتكَ آياتُنا فَنَسيتَها وَكَذلِكَ اليَومَ تُنسى ﴿126﴾)  (طه :123-126)

فمن اتبع هدى الله جنَّبه السيئات، فيكتب الله له بذلك الحسنات إذا اتبع كتابه وسار على منهاجه في حياته،  ومن أراد سوءًا بغيره بالقول أو العمل وذكر الله، حينها جنَّبه الله الإثم فيما سيقول وصرَفه عن العمل الشائن ونجّاه مما سيصيبه من العقوبات عند الحساب، فليشكر الله على ما هداه وأحسن إليه وأبعده عن الإثم.

ذلك هو المعنى الحقيقي لذكر الله؛ وليس ذكر الله باللسان فقط  فلا بد مع ذكر لله في القلب ينبّه العقل ويوقِظ الضمير لكي يترجمه الانسان بالعمل، حتى لو جاءه مسكين يطلب معونة تذكَّر الإنسان قول الله سبحانه: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة: 195) وقول الله سبحانه: (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) (الأعراف: 56)

فإن آويت  فقيرًا أسعدته، أو مريضًا فأعنته، أو سائلًا فأعطيته، ففي كل تلك الحالات تشكر الله لأنه يحبك وراضيًا عنك ليزيد من حسناتك ويمنحك من نعمه ما يشاء، فكُن مع الله يكُن معك، كُن رحيمًا ليرحمك الله، وكُن محسنًا ليحسن إليك الله، وكُن عادلًا ليعزّك الله، وكُن متواضعًا ليرفعك الله، فلا تتكبر على عباد الله بمالك وبمركزك وبعلمك؛ فكل ذلك مِنحة من الله، فأنت أيها الإنسان إلى فناء وإنك كما قال سبحانه: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ) (الأعراف: 146)

ومن يُعرض عن آيات الله؛ فقد ضل طريق الحق في الحياة الدنيا وسيحيا شقيًّا ويوم القيامة سيلقى حسابه في جهنم صليا، ويحذّر الله المتكبرين في الأرض  في قوله سبحانه:  (وَلا تَمشِ فِي الأَرضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخرِقَ الأَرضَ وَلَن تَبلُغَ الجِبالَ طولً) (الإسراء: 37) تبين الآية الكريمة للإنسان ضعف قوته وضآلة قدرته؛ فلا يتعالى على الناس ولا تغرّه قوته ولا يتكبر على الناس بمركزه وثروته، حيث أمر الله الإنسان بقوله: ( وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) (لقمان: 18)

والله سبحانه يبلغ الناس في قرآنه بقوله مخاطبًا رسوله عليه السلام بأن يبين للناس أن العظمة  لله والكبرياء لله وحده في قوله سبحانه : ( قُلِ اللَّـهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (آل عمران: 26)

وقد وضع الله سبحانه للإنسان خارطة طريق لحياته في قوله يبين للإنسان اتباع هدى الله في كتابه: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (القصص: 77)

ومن يخشَ الله يكتب الله له النجاة في الدنيا من التورُّط في الوقوع في المعصية كلما ذكر الله وآياته التي تحذره من ارتكاب المعصي،ة ليحمي الله الإنسان من شر أعماله ويجنَّبه عذاب النار يوم الحساب، ومن اتبع كتابه وسار على منهاجه، فيسعده الله في الدنيا ويسكنه في الآخرة جنات النعيم.

فيا أيها الإنسان اعلم أن ربك معك في كل مكان وزمان؛ يراقب كل تصرفاتك من قول وعمل ويعلم نواياك للخير ونواياك للشر، لأنه سبحانه كما قال في كتابه: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) (غافر: 19)

وكما قال الله سبحانه: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) (ق: 16)

فلذلك ذكرك الله أيها الإنسان في كل وقت يوقظ الضمير ويبعدك عن السعير يوم القيامة؛ فعليك أيها الإنسان أن تذكُر الله كما تتنفس، يخرج النفس بذكر الله ويعود بإرادة الله، لتستمر حياة الإنسان، يزرع فيها بالعبادات والتسليم لله باتباع قرآنه والأعمال الصالحة، ليحصد ما زرع من الخيرات يوم الحساب جنات النعيم.

ليحميك من ارتكاب المعاصي والمحرمات ويجنبك من ظلم الناس والبغي عليهم بالعدوان والطغيان ومخالفة شرعة الله في المحظورات لكل ما سوف تتعرض له من العقوبات في الدنيا والآخرة؛ فابتعد عن أكل حقوق الناس وخداعهم وسرقة أموالهم والتكبر عليهم، وكُن عفوًّا يعفُ عنك الله، وكُن متسامحًا يسامحك الله، وكُن لطيفًا ورحيمًا يلطف الله بك في أقداره ويرحمك من غضبه، وكُن رؤوفًا بالفقراء والمساكين وذوي الحاجات والسائلين يرأف بك الله ويرزقك الله ويبارك في أهلك وأولادك ويمنحك العزيمة والقوة والتوفيق والحياة المطمئنة، لتعيش مع أسرتك في أمن وسلام، واتبع المنهج الإلهي في قوله سبحانه: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ) (القصص: 77).

بانر اساسي داخلي
Leave a comment